قصة من تأليف

..::<< السّكّين >>::..


كالعادة ..تقف خلف تلك المجلى المكتظة بألوان من الأواني ..من صحون، كؤوس ، ملاعق وأشواك ..تبدأ بالمهمة الأولى وهي عملية التنظيف بالماء ..وبعد ذلك تمسك بمعجون الجلي مع صديقته الليفة الصغيرة..كانت هذه المرة زرقاء اللون ..!

تحاول أكثر من مرة ان تستغل وقتها الضائع في هذه المهمات..أحيانا ببعض التسابيح ، او بمقطوعات من الاناشيد ..وفي أحيان أخرى تقف مستطرقة تفكر كثيرا في ماهية هذه العملية ..!!

سهلة هي عملية جلاء تلك الاقذار ..تفكر في طريقة ممائلة لتجلي بها القلوب والعقول ..ولكنها تصمت حينها لعلمها بصعوبة ذلك الأمر ..فهو يحتاج جهدا مضاعفاً .. لن تستطيع عليه وحدها ..!

وصلت في هذه اللحظة الى السكين .. كانت مختلفة عن باقي السكاكين وكأنها لاول وهلة تراها بين اواني مطبخها.. كانت حادة ولامعة ..! أخذت تُقلب فيها بين ناظريها هنا وهناك ..وضعتها جانبا .. وبعد انتهائها .. أمسكت بها من جديد ..ذهبت مسرعة الى غرفته ..قررت وبعد جهد في التفكير ..ان تقضي عليه بهذه السكينة..!
ارادت ان تنتقم من شروره وعدم اكتراثه بها ..لطالما كان انسانا ظالماً معها ..!

فهو حكم الاعدام اذن..!! اقتربت قليلا من الباب وفتحته بهدوء رغم صعوبة الموقف..رأته نائماً.. وقفت عند رأسه تماما ..ابتسمت للشروع في امرها ..وماهي الا هنيهات وقد تتطاير الدم عليها كقطرات المطر ..بطريقة لم تتوقعها ..! وبعد ذلك تدفق كنهر جارفٍ ..غرقت فيه وهي تصرخ ..!

حينها .. استيقظت على قطرات المطر المتساقطة عبر فتحات سقف غرفتها ..فكانت قد نسيت اغلاقها ..!
تعوذت بالله ..واسرعت في اغلاق تلك الفتحات ..وحمدت الله على ان الامر كان مجرد حلم عابر ..وبأن زوجها لم يكن موجود ..فكان قد انطلق منذ الصباح للقيام بعمله ..!
وبقيت تفكر قليلا وعرفت ان الله لم يعطنا تلك العقول لنركنها جانبا ..بل لنعلم تماما ..انها ليست في كل وقت فعّالة..فالله هو من يُحاسب العباد ولسنا نحن ..!